شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
الحكمة من خلق الشمس والقمر
...............................................................................
ذكر الله أن القمر نور، وأن الشمس ضياء رسم> جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا قرآن> رسم> وجعل القمر يستفاد منه في الليل؛ في الليالي الظلماء. الذي يسري في الليلة الظلماء يستضيء بضوء القمر في البراري والصحاري، جعله آية الليل؛ قال الله تعالى: رسم> وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً قرآن> رسم> آية النهار هي الشمس؛ يعني أنها مضيئة إضاءة شديدة. فإنها إذا طلعت أضاءت على الأرض التي تطلع عليها؛ بحيث أن ضوءها يدخل في داخل الدور، يدخل مع الأبواب،ومع النوافذ؛ يستضاء بها في الأماكن المظلمة؛ فلذلك جعلها الله تعالى نورا، وجعل وقتها هو النهار؛ فزمانها هو النهار، وزمان القمر والاستفادة منه هو في الليل.
فإذا عرفنا ذلك؛ نعرف أنهما آيتان من آيات الله خلقهما لمصلحة العباد؛ فيهما فوائد؛ فمن ذلك: معرفة الأوقات؛ نعرف منتهى اليوم بغروب الشمس. إذا غربت الشمس انتهى هذا اليوم، وإذا طلعت ابتدأ اليوم الثاني. إذا غربت ابتدأت الليلة، وإذا طلعت انتهت الليلة. وهكذا يعرف الأسبوع بمرور الشمس، سبعة أيام تمر تطلع فيها الشمس كل يوم فيعرف بذلك الأسبوع. وأما الشهر فإنه يعرف بالقمر؛ ولو عرف بالشمس يعني: بعدد الأيام؛ لكن العلامة الظاهرة هي القمر. فإذا هَلَّ القمر عرف بأنه انتهى الشهر الماضي ودخل شهر جديد.
وهكذا أيضا معرفة السنوات. يحسبون اثني عشر شهرا، ويعرفون بذلك أنها قد انتهت السنة. دليل ذلك قول الله تعالى: رسم> إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قرآن> رسم> أي: أشهر السنة اثنا عشر شهرا، هذه هي الأشهر القمرية، وهي الأشهر المشاهدة. علامتها هذه الأهلة؛ قال الله تعالى: رسم> يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ قرآن> رسم> سألوا عن الهلال؛ لماذا جُعل هذا الهلال؟ فذكر الحكمة؛ أنه لمعرفة الأوقات.
وهكذا قال الله تعالى بعدما ذكر أنه سخر الشمس والقمر؛ قال تعالى: رسم> وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ قرآن> رسم> رسم> وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ قرآن> رسم> ولا شك أنها آيات من آيات الله. يقول الله تعالى: رسم> وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ قرآن> رسم> يعني: من الآيات التي يستدل بها على كمال قدرته، وعلى عظمته؛ جعل الليل والنهار وجعل الشمس والقمر. ويقول تعالى: رسم> وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ قرآن> رسم> يعني: ينسلخ النهار ويظلم الليل. رسم> فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ قرآن> رسم> .
والشمس, يعني وآية لهم رسم> وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا قرآن> رسم> تسير إلى المستقر الذي قدر الله أنها تستقر فيه؛ إما أنه ما ذكر من أنها تسجد تحت العرش، وإما أن المستقر هو منتهى سيرها في الآخرة. رسم> تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ قرآن> رسم> رسم> لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ قرآن> رسم> يعني: لا ينبغي للشمس أن تدرك القمر، يعني: تمنعه أن يضيء. رسم> وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ قرآن> رسم> بل جعل الله الليل له وقت، والنهار له وقت، وكل منهما يسير، وكل منهما يجري؛ ولهذا قال الله تعالى: رسم> وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ قرآن> رسم> .
ذكروا: أن الشمس مركبة في فلك؛ يعني: مركبة في فلك دائرة، وأنها تمشي في هذا الفلك، تسير فيه سيرا سريعا؛ بحيث أنها تقطع هذه المسافة الطويلة في أربع وعشرين ساعة. وكذلك القمر مركب أيضا في فلك. وهكذا النجوم ركبها الله تعالى في أفلاك مستديرة حول الأرض؛ فهي تسير فيها بتسخير الله تعالى، سخرها؛ سخر لكم النجوم وسخر لكم الليل والنهار وسخر لكم الشمس والقمر.
وكل ذلك فيه فوائد؛ فمنها ما ذكر من قوله: رسم> قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ قرآن> رسم> ومن ذلك ما ذكر أيضا من قوله: رسم> لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ قرآن> رسم> ومن ذلك العبرة؛ أي: لتعتبروا بها. ومن ذلك تمام المصالح؛ يعني مصالح العباد. قال الله تعالى: رسم> قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ قرآن> رسم> لو أن الليل دائم على الدنيا كلها لما تمت مصالحهم، ثم قال: رسم> قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا قرآن> رسم> يعني: مستمرا دائما رسم> مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ قرآن> رسم> الله هو الذي يأتي بهذا وبهذا. يقدر وقت هذا ووقت هذا. فهذه من آيات الله.
ولهذا قال تعالى: رسم> وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ قرآن> رسم> يعني: منامكم غالبا بالليل، وابتغاؤكم من فضله بالنهار. فذلك من آيات الله التي نصبها لعباده.
مسألة>